الأحد، 30 يونيو 2013

إشتقتك ....


دخلت إليها اليوم على استحياء من نفسي بعدما طال غيابي عنها ..
أحسست بأني طفلة تختلس النظر من وراء الباب ، كأنها لم تكن يومًا لي، كأنها لم تكن يومًا وطني .
قبل أن أخطو الخطوة الأولي للدخول إليها ، شعرت بوجوب أن أرتدي أفضل مالديّ من ثياب ، أن ألبس حذائي وأسرح شعري وكأن اليوم عيد .
ليس من السهل الغياب عن مكان أعتدت التواجد فيه وقد أصبحت رائحته أنفاسك وجدرانه مطلي بصدي كلماتك.
لم تكن زواياها موحشة بالدرجة التي ظننت ، كان كل جزء فيها يناديني، يعاتبني، وأنا بسرعة كلماتٍ مترددة على شفاه طفلة مذنبة تبرر فعلتها ، قلتُ لها: أسفة سامحيني مش قصدي. : (
لم أخبرها أنني كتبتُ وكتبتُ لكنني لم أشاركها ما كتبتْ ، لم أخبرها أن هجراني لها كان متعمداً لأنها شفافة وكل العيون تحيطها من كل جانب .
فقط أكتفيت بإخبارها "كم إشتقت إليك"

أن أكتب يعني ببساطة : أن أفضح نفسي، أن أجعل كل العالم يسترق النظر إلى روحي ، أجعله يتلصص على قلبي، أخذه برحلة مجانية إلى ذاكرتي، أطلعه على صندوق أسراري الذي حاولت جاهدة إخفاءه من عينيّ .
كما العربي متهم بعروبته كذلك هو الكاتب متهم بحروفه كل كلمة يكتبها هي بمثابة ذريعة يمسكها العالم من أجل إتهامه. فلن أتعجبَ إن اُتهمت بالموت غرقًا لأني كتبتُ “ إني غارقة في أفكاري ..” مثلًا! ولن أستغرب إن قيل لي : “ لماذا لاترتدين معطفك فلقد كتبت بالأمس أن الشتاء بارد !”
على كل حال، لست أكتب لأستعرض عضلاتي الثقافية، ولا لأسمع كلمات مديح وأصوات التصفيق ، ولم أحلم يومًا بأن أصبح كاتبة ! كان دائما يصاحبني ذلك الشعور بأن ما أكتبه لايستحق القراءة ، لكني أيقنت مؤخرا بأن الكتابة هي من اختارتني، ولم أخترها، وُلدت وأنا أحب فعل الكتابة.

أحلم أحيانا كثيرة بكتابة كتابًا واحدًا أضع فيه كل ماتعلمته من عزف الحروف ورسم الكلمات ، أن أكتب فيه كل شيء كان من الممكن أن أقوله طيلة حياتي، أن يكون ١٠٠٠ صفحة وربما أكثر، أن يعتقد القارئ أنه يعرفني منذ ولادتي  فأتحدث بين صفحاته عن السياسة والفلسفة والأدب والتاريخ ، عن الحياة والحب والحرب والوطن والطفولة والمرض والموسيقى والجنون والمطر وال..
أريده أن يكون كتاب قلب وعقل وروح.
ولا أريد كتابًا غيره، لأن الساحة مليئة (ماااا شاء الله) بالكُتّاب ، ولأن الكاتب الحقيقي هو من يكن له مسارًا محددًا ، هو من يحمل قضية ما ويدافع عنها، وليس مثلي، يكتب..فقط من أجل نفسه..فقط لأنه يحب أن يكتب..فقط لأنه لا يتقن عشق أي شيء آخر مثلما يعشق الكتابة.

أسوأ لحظاتي عندما أكتب وأكتب وأكتب ولا أضغط أيقونة “حفظ”، ويعلق جهازي كعادته ، وأعلق أنا مثله بين كلماتي الضائعة، فتأتيني تلك الرسالة لتخبرني بأن “الجهاز به عطل ما ولا يستطيع حفظ كلماتي“، وأردد له صدقني ولا أنا، وأغلق شاشة حاسوبي، وأنام.

بوسة ع جبينك 
دمت بخير مدونتي ^_^