الاثنين، 6 مايو 2013

بينما ينام العالم


فلسطين ذلك الجرح العميق في القلوب .
تلك البلاد الحزينة التي من فرط بشاعة مأساتها تهرب الكلمات من وصفها وتجعل أي محاولة لذلك مجرد وقاحة .
عندما أقرأ أوأسمع خبراً وحتي أغنية عن المأساة الفلسطينية ينتابني إحساس بالخجل الممزوج بالحزن والأسي وكثير من الغضب.
الخجل من أنني لم أمنح القضية الفلسطينة ما تستحقة من الإهتمام ولم اتعاطف معها بما يكفي.
حزن وآسى على ماعاشه ويعيشه الفلسطينيين من مذابح وتشريد وإذلال وقهر لا يتحمله بشر.
غضب على هذا العالم البشع الذي يسكت علي مايحدث لهم و الذي لم يكن لهم ذنب سوي أن أرضهم صادفت أن تكون هي الأرض التي أختارها العالم لنفي اليهود فيها .




بينما ينام العالم ، عندما أنهيت قراءة هذه الرواية أحسست بأن روحي مُثقلة ومُنهكة وقلبي كان قد إعتصره الوجع .
تحكي هذه الرواية قصة إنسانية مليئة بالتفاصيل الحقيقية والمشاعر المؤثرة لأربعة أجيال من عائلة - أبو الهيجا - الفلسطينية كانوا يعيشون حياة هادئة وبسيطة في قريتهم - عين حوض - الى أن تم إعلان قيام اسرائيل وتم ترحيلهم غصبا عن أرضهم وذكرياتهم وأحلامهم فأصبحوا فجاة لاجئين مشردين في جنين لتبدأ من هناك مأساة مازالت مستمرة حتى الآن .


"في محنة تاريخ دفن حياً, سقط العام 1948 في فلسطين من الرزنامة إلى المنفى متوقفاً عن حساب العد السائر للأيام والشهور والسنوات, ليصبح بدلا من ذلك ضبابياً لا نهاية له!"

الإحتلال ،الوطن ، الأرض ، الأسرة ، المعاناة ، الذكريات ، الرعب ، الخوف ، اليأس ، القهر، الفرح ، الأمل ، الأ لم وحتى الموت
كلها مفاهيم تغيرت بداخلي بعد قراءتي للرواية .

"آمال" (بطلة الرواية) التي يبدوا انها سترافقني لوقت طويل ، كيف لي أن انسي الصغيرة التي ولدت في مخيم للاجئين ، وفي عمر الحادية عشر أختبئت لستة ايام داخل الحفرة مع صديقتها و إبنة خالتها ذات ثلاثة شهور والتي ماتت وهي في حضنها !!
وبعدها بشهور قليلة أصيبت برصاصة في بطنها تركت لها ندبة تذكرها دوما بالاحتلال والقهر.
كيف لي أن أنسي الشابة التي صمدت وواصلت حياتها رغم حزنها العميق ومأساتها المريرة و كلما من أحبت سلبته منها إسرائيل ،أباها أمها أخوها ثم زوجها.....
ثم حان دورها فحصدت روحها رصاصة لقناص إسرائيلي وغد كان يقصد إبنتها الوحيدة ، أنقذت إبنتها لكنها فقدت روحها .


لم تغادرني لحظة إختطاف الطفل إسماعيل من يديّ أمه الفلسطينية، لتربيه أم يهودية لم تُرزق بالأطفال، ثم كبُر ليكون جندياً إسرائيلياً يقاتل أخاه دون أن يدري، ويمضي وقت طويل قبل أن يعرف حقيقة الدماء التي يحملها في عروقه..

"في لحظة واحدة, كان إسماعيل ابن الأشهر الستة على صدرها, بين ذراعيها الحانيتين. في اللحظة التالية اختفى إسماعيل. إن لحظة واحدة ليمكنها أن تسحق دماغاً وتغير مجرى الحياة, مجرى التاريخ."

كنت أتأثر جدا من قبل عندما أشاهد مايحدث للفلسطينين جميعا ، لكني تأثرت أيضا عندما عاشت شخصيات على الورق أمام عينيّ،تعايشت معهم أحببتهم وصادقتهم ، ثم شاهدتهم يُذبحون ويقتلون وتنتهي حياتهم هكذا ببساطة... عندها أصبح للتاريخ ألم وغصّة حقيقية في حلقي، شعرت بهما فعلا،ولم يغادرني أحدهما إلى هذه اللحظة.

لا توجد مفاجآت هنا, لأنك تعلم مسبقاً بأن النكبة قد حدثت فعلاً، وأن النكسة واقع ملموس ، وأن مذبحة صبرا وشاتيلا قد طالت المئات من الأطفال والنساء والرجال الأبرياء ،وكذلك مذبحة جنين ، إلا أن الجرعة المأساوية كانت مكثفة لتحدث كل هذه المصائب لأبناء عائلة فلسطينية واحدة ! أو ربما يكون حقاً هذا هو الواقع ؟!

أثناء قراءة الرواية, كنت أتساءل إن كان جوها الكئيب مبالغ فيه أم أن واقعنا وتاريخنا هُما حقاً بهذه الكآبة والمأساوية !

هل أنصح بقراءة هذه الرواية؟

نعم, بالتأكيد. وبرغم مأساويتها إلا أن تاريخ كهذا لا يجب أن يُنسى .... ذلك الوطن الذي كان، والذي سيعود يوما ما. (إن شاء ربي)


                                          **********************



ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق