الخميس، 24 يناير 2013

مــوعـــــــــد


كانت صدفة غريبة قادتني الي رسائلك ، ذلك النوع من الصدف المتوقع لمكان مهيئ للصدف ،، صدفة تأتي لتوقظ الألم بالتذكر مدعية انه بغير قصد .

كنت قد قررت أن أنظف جهاز الكمبيوتر لكثرة الملفات فيه ، ملفات غير مهمة أمر بها كل يوم ولم أفتحها منذ مدة .

ذلك المساء وجدت رسائلك أمامي هبت فجأة في وجهي عنوانها اسمك وبجانبها صورتك ، مررت بها بنقرة على الكيبورد لكني لم أفتحها كانت فكرة فتحها مفزعة  بالنسبة لي كأني  لو نقرت عليها ستظهر أنت أمامي ، 
حتي أنني فكرت ماذا سأقول ؟؟ عن ماذا سأتكلم ؟؟ هل أعاتبك أم أنني سأرتمي في حضنك وأخبرك كم أنني مثقلة بالشوق إليك ؟؟  ماذا عساني أفعل في تلك اللحظة ؟؟ تركت كل شيئ أغلقت اللاب توب وكأني أغلق بابا خلفي وأتركك في الغرفة ورائي لأني لا أستطيع التحدث اليك ولا مواجهتك ولا حتى النظر في وجهك .

أهملت الصدفة ,, لكن التخطيط قادني الى فتحها ليلا ، ربما ذلك هو القدر كان ينتظرني في ساعة أخري يومها ، تماسكت قليلا الإ أن تماسكي خذلني هرعت للغرفة المجاورة وأشجعت بالبكاء ؛ البكاء بالنسبة لي  كالصلاة 
أمر بينك وبين الله لا يصلح أن تشارك فيه أحدا ويحتاج الى خلوة وخشوع .

لا أدري كم مضي من الوقت ساعاتان أو ثلاث ساعات لكنني في النهاية عدتُ الى حيث تركتك جالسا في اللاب توب فتحت رسائلك أحاديتنا الطويلة منها والقصيرة اطّلعت عليها كأني اكتشفها للمرة الأولى وكأني أتعرف عليك للمرة الاولى ، حين كنت اخجل حتى من نطق اسمك .

وجوه كثيرة لك اجدها امامي اجد الطفل والرومانسي والمندفع والوقح والرجل الشرقي احيانا والرجل الغربي احيانا اخرى ، أحيانا تكتب وكأنك تتقمص سلطة الاب في كلمات قصيرة مثل افعلي كذا ولاتفعلي هذا ، تلك الأحاديث التي تخبرني فيها كم "نحبك أمون" والأخري التي كتبت لي بها "حطي في بالك أمون علي قد ماتحبيني أعرفي إني نحبك أكثر" مررت علي ذلك اليوم الذي سهرنا سوياً حتي الخامسة صباحا وكنا نختار فستان الزفاف والشقة معاً ، وقفت عند تلك الكلمات التي ماكانت كثيرا تشعرني أنني طفلتك المدللة "انموت فيك يا بنوتة " .

ابتسمت لذلك الحديث عندما صرّحت فيه بأنك غيور جدا عليّ وكلمات أخري ما إن أقرأها حتي يحمر وجهي، يعتصرني قلبي حين اصل الى جملتك " مشتاق " فتحت كل الأحاديث واحدة تلوي الأخري ،أمضيت يومي في الغرفة وانا افعل ، كنت أبحث عنك في كل كلمة ،عطرك الذي زلت أشتم رائحته ، إبتسامتك التي تبعت بيا الروح ؛ ولكونها رسائل الكترونية كان بحثي عنك سرابا ، توقفت عند كلماتنا الخاصة بنا " النازعات والجنان" أدمعت من فرط الضحك علينا .

أصابتني حالة لا أستطيع تفسيرها عند هذه الأسطر " انحس ان حبي ليك زاد تعرفي امون نتمنى اني نقدر اندخلك لقلبي حتلقي استقبال مش عادي كانك اميرة في يوم زواجها الكل فرحان بيها
بمعني انك الحاجة اللي كانوا يستنوا فيها و اخيرا جت" 
تحولت من اللاب توب الى هاتفي النقال ,, التهمت رسائلك الاس ام اس التي لا ازال احتفظ بها أول رسالة أسرعت إليها تلك التي بحت فيها أول مرة بحبك لي ّ "انحبك يا أروع أمون في الدنيا" عشت شعورها فرحها وتفاصيلها وكأنك الآن أرسلتها " صباح الخير حبيبتي " "I will sleep hony,Good night" " أنا في شقتنا مع أماليا "وأخري تخبرني فيها أنك مشغول الآن  بكيت جدا عندما وصلت الي " مبروك حبيبتي " تذكرت حديثنا الطويل علي الهاتف ذلك اليوم عندما أخبرتني أنك في قمة السعادة يوم أنتهت " الفضانية علي خير " 
كنت أمارس تمريني اليومية علني أصل في النهاية إلي النسيان ووجدت نفسي وسط تلك الرسائل التي فتحتها يومها.. تفاصيل صغيرة حنان وغضب، لقاء وحب وعراك ، دعوات من القلب "الله لايحرمني منك " ربي يخلينا لي بعض " شن بصبرنا لي شهر 12"  لحظات شجاعة ولحظات جبن لحظات عشق طويلة.. كلها مدونة في رسائل تعيد ولادتي من جديد .

قصتنا كلها مكتوبة في تلك الرسائل ، رسائل طويلة وقصيرة ، أذهلني التذكر واذهلني التوثيق للتذكر، بالاحتفاظ قصدا مع سبق الاصرار بكل تلك التفاصيل التي تصنع قصة .

بركان من التذكر وسط الوجع والألآم ،حِمم من التفاصيل تنفجر مرة واحدة .
هو الحنين الذي يوقد ذاكرتي ويجعلها مستيقظة على الدوام ، ربما هو الحنين الذي يجعلنا أوفياء للأموات ، أما أنا وفية لرجل غائب ، وتلك الحقيقة صدمتني من نفسي ،جعلتني أدرك أنني أتقبل الموت أفضل من تقبلي للغياب ، في الموت على الأقل هناك عزاء وقبر وضريح نبكي كلما زرناه ، لكن الغياب يجعل من حياتنا قبرا لنا .

 كتبت لك ذلك في مكان ما في رسالة لم تصلك لأني لم أبعثها اليك ,, أمضيت ليلة كاملة وانا أكتبها وفي النهاية لم أرسلها ، فأسميتها رسالة مِني إليَ .

كلما أخذني الحنين اليك جهزت نفسي لي موعد معك من خلال رسائلك وكتاباتك وأشيائك الإلكترونية .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق